بقلم: د. سماح إبراهيم – استشارية نفسية وأسرية
@dr.samahebraheim
"صحتنا حياة – معًا لواقع أفضل"
مع اقتراب كل عيد، برغم تكرار النصائح حول الراحة النفسية، وضبط التوقعات، وتجنّب الخلافات. كثرة الاقتباسات، وحدود العلاقات، نظن أن المعرفة ستكون درعًا يحمينا في التجمعات العائلية.
لكن الحقيقة تظهر على طاولة الغداء أو في جلسة عائلية عابرة: كلمة تثير وجعًا قديمًا، مزحة غير موفقة، أو تعليق عفوي يتحول إلى نقاش محتدم. فجأة نجد أنفسنا منساقين للانفعال، الدفاع، أو الانسحاب بصمت مثقل.
وهنا يتبادر السؤال: هل نعيش ما نكتب؟
هل الصحة النفسية مجرّد محتوى نتبادله، أم مهارة نطبّقها تحت الضغط؟
الأعياد، رغم كونها مواسم فرح، قد تكون مسرحًا للتوتر لأننا نصلها محمّلين بتعب، توقعات، وخلافات مؤجلة. نرغب في المثالية: لقاءات خالية من التوتر، زيارات خفيفة الظل، وكلمات لطيفة فقط. لكن الواقع الإنساني لا يعمل بهذه الطريقة.
الوعي النفسي لا يعني أننا لن ننفعل، بل أننا نلاحظ متى ولماذا انفعلنا. لا يعني ألا نتأثر، بل أن نختار ردودنا بقدر من التعقل. الهدوء ليس حالة دائمة، بل قرار نمارسه مرارًا.
ولذلك، في العيد، من المفيد أن نزيد"مساحة الاحتواء". أن نخفف من النقد، ونعلي من قيمة الإصغاء. أن ندرك أن بعض الناس لم يتعلّموا التعبير عن مشاعرهم بعد، وأن بعض الجروح تحتاج للرحمة أكثر من المواجهة.
ولعلّ أهم ما يمكننا فعله: ألا نجلد أنفسنا إن لم نكن كما تمنّينا. فالإنسان لا يُقاس بتهذيبه في الهدوء فقط، بل بتصرفه عند الضيق.
ختامًا، العيد للاحتفال وإدخال السرور والتقبل ، بل فرصة لتجنب الاختلافات برفق.
اختر في هذا العيد أن تعود من اللقاءات أخفّ، لا أكثر ثقلًا. أن تختار نفسك دون أن تخسر الآخرين، وأن تعيش الوعي والمعرفة لا أن تكتبهم فقط.
العيد لا يحتاج للاختلافات، بل للقلب المفتوح.
فليكن شعارنا: عيدنا أحلى... حين نحتوي، لا حين نُثبت أننا على حق.
إرسال تعليق