لَيْتَنِي كُنْتُ بَيْنَ الصَّحْبِ فِي زَمَنِ النَّقَاءِ
حَيْثُ النُّورُ يَمْشِي فَوْقَ آثَارِ الْحَيَاءِ
وَحَيْثُ الْحَرْفُ لَا يُكْتَبْ
إِلَّا إِذَا صَلَّى الْقَلَمُ مِنْ خَشْيَةِ الْأَسْمَاءِ
لَيْتَنِي كُنْتُ رَكْعَةً فِي السَّحَرْ
أَوْ دَمْعَةً عَلِقَتْ عَلَى طَرَفِ الْبَصَرْ
أَوْ هَمْسَةً قَالَتْ: «سَمِعْنَا وَاتَّبَعْنَا»
فِي زَمَنٍ لَا يُسْمَعُ فِيهِ إِلَّا زَخَمُ السُّفَرْ
لَيْتَنِي كُنْتُ حُرًّا مِثْلَهُمْ…
أَهِيمُ عَلَى وَجْهِي إِلَى الْحَقِّ الْمُبِينْ
أَخْلَعُ الدُّنْيَا كَمَا خَلَعُوا،
وَأَغْسِلُ الْقَلْبَ بِأَلْفِ دُعَاءٍ فِي الْوَتِينْ
كُنْتُ أَتَمَنَّى لَوْ مَرَرْتُ عَلَى خُطَاهُمْ
فِي بَدْرٍ، فِي أُحُدٍ، فِي صَفِّ حُنَيْنْ
أَنْ أَكُونَ غُبَارَ سَيْفٍ
أَوْ شَهْقَةً خَافِتَةً بَيْنَ «خُذْهَا» وَ«يَمِينْ»
لَيْتَنِي كُنْتُ ظِلًّا عِنْدَ حَيْدَرْ،
أَوْ رَجْعَ صَوْتٍ حِينََ هَزَّ الْأَرْضَ عُمَرْ
أَوْ نَظْرَةً مِنْ عَيْنِ صِدِّيقٍ
تُفِيضُ النُّورَ إِنْ ضَاقَتْ عَلَيْنَا الْمَدَارْ
لَيْتَنِي كُنْتُ عَبْدًا نَاسِيًا نَفْسِي
بَائِعًا دُنْيَايَ فِي سُوقِ الْيَقِينْ
مَا لِيَ فِيهَا مَنْزِلٌ،
لَكِنَّ قَلْبِي بَيْتُهُمْ، وَحَنِينِي لَا يَلِينْ
آهٍ يَا سَادَةَ الصِّدْقِ الطَّهُورْ،
مَا لَنَا فِي الرَّكْبِ مَوْطِئْ…
غَيْرَ دَمْعٍ كُلَّمَا أَشْرَقَ طَيْفُكُمْ،
ذَابَ فِي مِحْرَابِ لَيْلٍ أَوْ سُرُورْ
لَيْتَنِي كُنْتُ،
أَوْ مَا كُنْتُ،
لَكِنِّي إِلَيْكُمْ أَنْتَمِي
بِجَنَاحِ تَوْقٍ،
وَبِقَلْبٍ مَا عَرَفْتُمْ أَنْ يُجُورْ
أَنَا مَا جِئْتُ أَطْلُبُ مَدْحَكُمْ
بَلْ أَنْ أُدْفَنَ فِي أَعْتَابِكُمْ
ذَرَّةً تُقَبَّلُ بَيْنَ السَّطْرِ وَالسَّطْرِ،
وَفِي صَمْتِ النَّهَارْ
لَيْتَنِي كُنْتُ فِي السَّطْرِ الْأَخِيرِ مِنْ دُعَاءْ
أَوْ أَنِينًا خَافِتًا بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْبُكَاءْ
لَيْتَنِي جَمْرًا عَلَى شَفَةِ الْخُطَى
حِينََ قَالُوا: «جَاهِدُوا»، فَاهْتَزَّ فِي الْقَلْبِ النِّدَاءْ
وَفِي رُؤْيَايَ…
كُنْتُ فِي الْجَنَّةِ أَجْرِي نَحْوَ ظِلٍّ مِنْ وِقَارْ
بَيْنَ صَفٍّ لِلصَّحَابَةِ، وَالْمَلَائِكَةِ،
وَالْأَنْفَاسِ تَسْرِي مِثْلَ عِطْرِ الْوَرْدِ فِي أَكْمَامِ نَارْ
✍ سَعيد إِبْرَاهِيم زَعْلُوك
إرسال تعليق