U3F1ZWV6ZTE3OTY5NzczMzAyNTA3X0ZyZWUxMTMzNjg4Njg2MDg1NA==

حين يتخفّى الزيف تحت عباءة الأدب: بين بريق السوشيال وصمت الجوهر_جريده الهرم المصرى نيوز



✍️ بقلم: رجب كمال

في زمنٍ صار فيه التجميل هو الأصل، والتقليد هو القاعدة، دخل الأدب إلى عالم السوشيال ميديا من بوابة الواجهة، لا من باب الجوهر. صفحاتٌ لا تُعدّ ولا تُحصى، تتصدرها شعارات مثل "رُقيّ الحرف" و"نبض المشاعر"، لكنها في حقيقتها مجرد أغلفة أنيقة لمضامين مُفرغة من الصدق، خالية من الروح.


لقد أصبح بإمكان أي شخص أن يجمع كلمات من هنا وهناك، ينقلها دون وعي أو إحساس، يُنشرها في تصميم مبهر، ليحصد التفاعل والإعجابات. وهكذا، أصبحت المشاعر تُعبّأ كما تُعبأ البضائع، وتُستهلك كما تُستهلك الموضات.


ولكن، هل كل ما يُكتب يُعد أدبًا؟

وهل كل من يقتبس يُجيد التعبير؟

وهل كل ما يلمع على الشاشات يعكس قيمة حقيقية؟


الزيف في ثوب أدبي

ما نعيشه اليوم هو انفجار في الإنتاج اللفظي، لكنه غالبًا إنتاج مكرر، منسوخ، سطحي. اختلط فيه الجمال الحقيقي بالبريق الكاذب، وصار المتلقي في حيرة بين ما يُشبه الأدب وما هو أدب فعلًا.


لم يعد التفاعل معيارًا للجودة، بل صار وسيلة لتسويق المحتوى، حتى لو كان خاويًا. ومع الوقت، بدأ القارئ نفسه يفقد إحساسه بالتمييز: لم يعُد يعرف الفرق بين نصٍ صيغ ليُشعل إحساسًا، وآخر كُتب ليحصد إعجابًا.


جوهر الأدب الحقيقي

الأدب لم يكن يومًا زينة لغوية تُعلّق على الجدران، بل رسالة تتجاوز الزمان والمكان. هو صوتُ الإنسان حين يعجز عن التعبير، وصرخةُ القلب حين تضيق به الحياة. الأدب الحقيقي يُكتب بالمعاناة، لا بالبحث في محركات البحث.


إنه انعكاس للواقع، لكنه لا ينقله بصورة فوضوية؛ بل يُهذبه، يُعيد تشكيله، ويمنحه بُعدًا جديدًا. الأدب يُربّي الذوق، ويُهذب الإحساس، ويُوقظ فينا ذلك الجزء العميق الذي كدنا ننساه.


دعوة للتفكّر لا للاتهام

ليست المشكلة في السوشيال ميديا، بل في استخدامنا لها. ليست في العدد الكبير من الصفحات، بل في تغييب المعايير، وتشجيع السطحية على حساب العمق. ولذا، نحن بحاجة إلى نهضة تذوق أدبي، تُعيد للمحتوى مكانته، وللقارئ وعيه، وللأديب احترامه.


رسالة إلى القارئ:

أيها القارئ، لا تكتفِ بالنظر إلى البريق، بل أنصت للصدى. لا تكتفِ بالحروف، بل فتّش عن النبض خلف الكلمات. الأدب الحقيقي لا يُصرخ من الواجهة، بل يهمس في العمق، وينتظر من يُحسن الإصغاء

مقال بقلم   / رجب كمال


***********************


***********************

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة