U3F1ZWV6ZTE3OTY5NzczMzAyNTA3X0ZyZWUxMTMzNjg4Njg2MDg1NA==

"بسمة أمل"_جريده الهرم المصرى نيوز _بقلم الصحفيه رانيا عصمت



بقلم: رانيا عصمت


كان أحمد شابًا طموحًا وخلوقًا، يدرس في الكلية ويحلم بمستقبل مشرق. وهناك، التقى ببسمة، فتاة جميلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. جمالها لم يكن فقط في ملامحها الهادئة، بل في روحها الرقيقة وقلبها المحب. من أول نظرة، وقع أحمد في حبها، ولم يمر وقت طويل حتى بادلتْه بسمة المشاعر، ونسجا معًا قصة حب نادرة.

اتفقا أن يكون الارتباط بعد التخرج، وبالفعل، أوفى أحمد بوعده وتزوجا وسط فرحة الأهل والأصدقاء. كانت حياتهما مليئة بالحب والدفء، ورُزقا بثلاثة أبناء: آدم، وأدهم، وأمجد. أصرّت بسمة أن تبدأ أسماء أولادها بحرف "الألف"، حبًا في أحمد وتقديرًا له.

كل شيء كان مثاليًا... إلى أن جاء اليوم الذي انقلبت فيه الحياة.


فجأة، بدأت بسمة تتغير. لم تعد تحتمل وجود أحمد بقربها. كانت تصرخ كلما اقترب منها، وتطالبه أن يبتعد، وكأن بينهما جدارًا خفيًا من الألم والخوف. أحمد، المصدوم، لم يفهم ما يحدث. أحضر لها أطباء، ثم شيوخًا ومعالجين، وتكشفت الحقيقة الصادمة: لقد أُصيبت بسحر تفريق، دُبِّر لهدم بيتٍ امتلأ حبًا وسكينة.

حاول أحمد بكل ما أوتي من قوة أن يعالجها، داوم على الرقية والدعاء، ولكن بلا جدوى. أصبحت بسمة غريبة، تعيش في عالم آخر، لا تحتمل حتى رؤيته، وطلبت منه أن يبتعد عنها.

ومع قلبٍ مكسور، ودمعة لا تُرى، أخذ أحمد أبناءه وترك المنزل، ليصبح أبًا وأمًا في آنٍ واحد. تحمل المسؤولية كاملة، وربّى أولاده بحب وصبر، ولم يتخلَّ يومًا عن بسمة، وظل يدعو لها في كل سجدة.

ست سنوات مرّت كعمرٍ طويل. وبعد انتظار أرهق روحه وجسده، قرر أن يمنح نفسه فرصة للحياة من جديد، لا نسيانًا لبسمة، بل بحثًا عن شريكة تقف بجانبه وتعينه على الحياة.


وهنا جاءت أمل.

امرأة مختلفة بكل المقاييس. لم تكن فقط زوجة، بل كانت بلسمًا لروحه المرهقة. احتضنت أبناء أحمد وكأنهم أولادها، علمتهم، واهتمت بهم، وملأت فراغ أمهم بحنانٍ خالص. لم تشعرهم يومًا أنها دخيلة، ولم تُشعر أحمد أنها بديل، بل كانت إضافة... هدية من الله.


أمل لم تغر من ماضي أحمد، بل احترمته، واحتضنت قصته مع بسمة بقلب رحيم. كانت تذكره دائمًا بالدعاء لها، وكانت تزور بسمة معه، وتحمل لها الهدايا، وتبتسم رغم أن بسمة لم تكن تدرك من حولها.

كان أحمد ينظر إلى أمل أحيانًا في صمت، ويتساءل: كيف رزقه الله بكل هذا النقاء؟

وكانت هي تقول له دومًا:

"أنا مش بديل لحد... أنا بداية جديدة... وقلبي كبير يكفيكم كلكم."

وهكذا، عادت الحياة تدبّ في قلب أحمد من جديد، وبدأ فصلٌ مختلف من قصته. لم ينسَ بسمة، وظل يحبها بطريقته، لكنها أصبحت ذكرى طيبة في قلبٍ وسّع الأمل، وعرف أن الحب لا يموت، لكنه أحيانًا... يتبدل شكله.


***********************


***********************

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة