*كتب/عبدالله صالح الحاج - اليمن*
🟥 في مشهد سياسي بالغ الخطورة، تتكشف خيوط لعبة دولية تُحاك بمهارة، حيث أظهرت السياسات الأمريكية في عهد دونالد ترامب تبنيًا واضحًا لنهج استعماري كلاسيكي يعتمد على تفكيك التحالفات الإقليمية، وإذكاء التنافس بين القوى العربية لضمان هيمنة واشنطن وتل أبيب على المشهد السياسي.
🟨 لم يكن نقل مركز الثقل العربي من القاهرة إلى الرياض مجرد تحول طبيعي، بل خطوة مدروسة تهدف إلى إضعاف النفوذ المصري، وإعادة ترتيب المشهد السياسي بما يخدم مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. جاء الدفع نحو تعزيز الدور السعودي في سياق سياسة تضغط على القاهرة لإفقادها مركز القيادة التقليدي للعالم العربي، مما فتح المجال أمام تحالفات جديدة أكثر مرونة تجاه الإملاءات الخارجية. إشعال المنافسة بين مصر والسعودية يُبقي المنطقة في حالة استقطاب، مما يمنع أي تكتل عربي قادر على فرض رؤية مستقلة بعيدًا عن التدخلات الغربية. هذه السياسة ليست جديدة، بل امتداد لاستراتيجية استعمارية طالما اعتمدت على إضعاف القوى المركزية لضمان السيطرة على مسارات القرار السياسي.
🟢 تواجه القاهرة، التي كانت تاريخيًا مركز القرار العربي، تراجعًا في نفوذها الإقليمي لصالح الرياض، وهو ما يُعيد تشكيل التحالفات بطريقة غير مسبوقة. تهميش الدور المصري لا يقتصر على البعد السياسي، بل يمتد إلى الاقتصاد أيضًا، حيث تلعب مشاريع نقل الطاقة عبر إسرائيل والإمارات دورًا محوريًا في تقويض أهمية قناة السويس، مما يهدد أحد أهم مصادر القوة الاقتصادية لمصر. في الوقت ذاته، يتحول الخليج إلى مركز صناعة القرار العربي، وهي نقلة تحمل في طياتها تحديات كبرى للدور المصري التقليدي، سواء في الملفات الإقليمية أو في التأثير على السياسة الدولية.
🟪 تؤكد الصفقات الاقتصادية التي وقعتها السعودية مع واشنطن، والتي تجاوزت 600 مليار دولار، أن الدور السعودي الجديد لا يأتي دون ثمن. ضخ هذه الأموال في مشاريع عسكرية واقتصادية يخدم المصالح الأمريكية، بينما يضع الرياض في موقف التبعية المستمرة لقرارات البيت الأبيض. تستغل واشنطن هذا النفوذ الاقتصادي لفرض أجندات سياسية على السعودية، تجعلها أكثر انصياعًا في الملفات الكبرى، خاصة تلك المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي. التحدي الأكبر الذي يواجه السعودية في هذا السياق هو كيفية تحقيق التوازن بين النفوذ الإقليمي والاستقلال الاقتصادي، فهل يمكنها الإفلات من هذه المعادلة، أم أن التوجه الجديد يجعلها أداة دائمة في يد القوى الغربية؟
🟦 تعكس السياسات المتبعة طبيعة العلاقة المتزايدة بين السعودية وكل من واشنطن وتل أبيب، حيث تُملي الولايات المتحدة شروطها السياسية والاقتصادية بشكل غير قابل للمراجعة. التحركات الإقليمية تأتي كجزء من المشروع الأمريكي لإعادة هيكلة الشرق الأوسط، وفقًا لمصالح القوى الكبرى، مما يجعل القرار السعودي تابعًا بدرجة كبيرة لهذه السياسات. يوازن ولي العهد السعودي بين تحقيق طموحه السياسي داخليًا وتنفيذ الإملاءات الخارجية، غير أن هذه المعادلة قد تكون لها تداعيات مستقبلية على مدى استقلال الرياض في اتخاذ قراراتها بعيدًا عن النفوذ الأمريكي.
🟥 في ظل التسريبات المتكررة حول العلاقات السرية بين السعودية وإسرائيل، تزداد المؤشرات على أن التطبيع ليس سوى مسألة وقت، يتم تأجيل الإعلان عنه إلى حين توافر ظروف سياسية أكثر ملاءمة. تؤكد التقارير الدولية وجود تنسيق غير معلن في الملفات الأمنية والاقتصادية، حيث شهدت الفترة الماضية تطورات تعكس تقاربًا تدريجيًا بين الطرفين. يُعد السماح للطائرات الإسرائيلية بعبور الأجواء السعودية خطوة لا يمكن فصلها عن هذا المسار، كما أن المحادثات بين الرياض وتل أبيب تجري بوساطة أمريكية لتهيئة المشهد لأي اتفاق مستقبلي، قد يكون جزءًا من إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية بما يخدم المصالح الإسرائيلية.
🟨 يُعيد الدور السعودي المتنامي ترتيب خريطة النفوذ في الشرق الأوسط، حيث أصبحت الرياض، بدعم أمريكي، طرفًا أكثر تأثيرًا في القرارات الإقليمية، بينما تواجه مصر تحديات متزايدة في الحفاظ على موقعها التقليدي. تلعب المشاريع الإماراتية الإسرائيلية دورًا إضافيًا في تعزيز هذا التحول، مما يضع ضغوطًا مباشرة على القاهرة، ويدفع باتجاه نظام إقليمي جديد تتحكم فيه المصالح الاقتصادية والسياسية المتداخلة بين واشنطن وتل أبيب والرياض. في ظل هذا الوضع، تبرز أسئلة جوهرية حول قدرة مصر على الصمود أمام هذه التحولات، وهل سنشهد مزيدًا من المواجهة بين القوى العربية، أم أن الواقع الجديد سيُفرض دون مقاومة فعلية؟
🟢 تشير إعادة توزيع التحالفات السياسية في الشرق الأوسط إلى أن المنطقة تقف أمام مرحلة جديدة من التحولات العميقة، حيث تتبدل مراكز النفوذ بشكل يغير قواعد اللعبة بالكامل. الصراعات الداخلية الناتجة عن هذه التغيرات تُضعف الموقف العربي أمام القوى الدولية، وتجعل الشرق الأوسط أكثر عرضة للاستقطاب السياسي والاقتصادي. في هذه المرحلة الدقيقة، يصبح الرهان الأساسي للدول العربية هو القدرة على الحفاظ على استقلالية القرار السياسي، بعيدًا عن الضغوط الغربية، وتحقيق توازن جديد يسمح لها بإعادة التموضع في معادلة السلطة العالمية.
🟪 أظهرت السياسات الأمريكية في عهد ترامب توظيفًا فعالًا للنهج الاستعماري "فرق تسد"، مما ساهم في إشعال فتيل الصراعات بين الدول العربية، دولة تلو الأخرى، وفقًا لمخطط يهدف إلى إعادة ترتيب النفوذ الإقليمي بما يخدم مصالح واشنطن وتل أبيب. كما أن السعودية، بقيادة ولي عهدها، تمتلك طموحًا كبيرًا في الهيمنة على المنطقة العربية، وتسعى إلى أن تصبح الرياض مركز الثقل العربي بدلاً من القاهرة، وهو ما يشكل تحديًا مباشرًا للدور المصري التقليدي. هذه التحولات لا تأتي بمعزل عن التأثيرات الخارجية، بل هي جزء من استراتيجية أمريكية تهدف إلى تقليص دور مصر وتهميشها، مما يحقق أهداف إسرائيل في إضعاف أي قوة عربية قادرة على الوقوف في وجه مخططاتها.
🟦 إذا استمرت هذه السياسة دون مقاومة عربية حقيقية، فستؤدي إلى مزيد من الانقسامات، مما يجعل المنطقة أكثر عرضة للصراعات والحروب، وهذا يضعف قدرتها على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية.
إرسال تعليق