✍️ عبدالله صالح الحاج – اليمن
🗓️ 16 يونيو 2025
📰 افتتاحية جيوسياسية – دراسات إستراتيجية | الشرق الأوسط
من غزة بدأت النيران… والعالم يشتعل
في صباح 7 أكتوبر 2023، أشرقت شمس لم تعرفها "إسرائيل" من قبل. من غزة، خرج طوفان الأقصى كالصاعقة، اجتثّ هيبةً زائفةً بُنيت على رُكام الأكاذيب وعقود من الدعم الغربي غير المشروط. لقد اخترقت المقاومة الحدود، وأسقطت الأسوار، وكسرت العقيدة الأمنية الصهيونية، لا بفعل القوة وحدها، بل بقرار تاريخي شجاع أراد أن يقول: آن أوان الثورة… آن أوان النهاية.
ذلك اليوم لم يكن مجرد عملية عسكرية، بل كان إعلان ولادة مرحلة تاريخية جديدة؛ تحوّلت فيها المقاومة إلى فاعل إقليمي، وأسقطت فيها "إسرائيل" قناع الردع المطلق. منذ تلك اللحظة، لم تعد تل أبيب قادرة على احتواء الصدمة، فاندفعت بجنون إلى حرب مفتوحة بلا أفق.
تمادي العدوان… وغطرسة بلا حدود
ردّ العدو لم يكن إلا استمراراً لما يتقنه: القتل الجماعي، والحصار، والتجويع، والتدمير الشامل. لكنه هذه المرّة تجاوز كل الخطوط:
في غزة: أكثر من 154 ألف شهيد وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء. محو كامل للبنية التحتية، وتشريد يفوق نصف السكان.
في الضفة: تصعيد غير مسبوق في الاستيطان، تجاوز 14 ألف وحدة خلال عام ونصف، واقتحامات يومية للمسجد الأقصى، وتهجير منهجي للفلسطينيين.
في لبنان: قصف يومي على جنوبه، واغتيالات لمقاومين، واستفزازات على الحدود في انتهاك مباشر للقرار 1701.
في سوريا: غارات متكررة تستهدف المطارات والقواعد الإيرانية وحلفاء دمشق.
في اليمن: ضربات جوية تحت ذريعة «دعم المقاومة»، وعمليات قرصنة في البحر الأحمر.
في إيران: هجمات سيبرانية وتفجيرات واغتيالات لعلماء كبار في البرنامج النووي، أبرزهم د. سهراب كريمي، واستهداف مباشر لمنشآت نووية ومقار للحرس الثوري.
كل هذا لم يكن ليحدث لولا الضوء الأخضر الصريح من البيت الأبيض. ترامب، في ولايته الثانية، أطلق يد إسرائيل بوقاحة تاريخية، موقّعًا على ما يشبه «صك الإبادة». دعمه لم يكن عسكرياً فقط، بل سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا، رافعًا شعار: «دعوا إسرائيل تفعل ما تشاء».
لكن هذا التمادي، لم يجرّ إلا عاصفة نارية لا تهدأ، فكل جبهةٍ أصبحت مشتعلة، وكل محور مقاومة تحوّل إلى خلية ردٍّ فعلٍ فوري.
الرد الإيراني… النقلة النوعية في الردع
لقد تجاوزت إسرائيل الخط الأحمر حين استهدفت قلب المشروع النووي الإيراني. كانت تعتقد أن الضربة ستبقى في الظل كعادتها، لكنّ طهران لم تعد تلك التي تحتمل الصمت. وفي يونيو 2025، جاء الردّ الذي أعاد تشكيل الخريطة:
صواريخ فرط صوتية استهدفت قواعد في النقب وحيفا.
درونات انتحارية أصابت منشآت عسكرية وصناعية.
هجمات إلكترونية عطّلت أنظمة مراقبة وتحكّم حيوية في تل أبيب.
الهجوم شمل مراكز قيادة، منصات بطاريات "القبة الحديدية"، والمناطق النووية كمفاعل ديمونا.
الرسالة كانت واضحة:
> "لن نسمح باغتيال علمائنا، ولا بقصف منشآتنا… والردّ سيكون على عمقكم، في قلبكم، حيث لا تتوقعون."
إسرائيل، التي كانت تضرب وتُفلت، وجدت نفسها لأول مرة تُصاب في كبدها، وتُجبر على الاختباء.
أثر الزلزال داخل الكيان الصهيوني
الضربات لم تهزّ القبة الحديدية فقط، بل مزّقت التماسك الداخلي للكيان:
انهيار الثقة بالجيش: استطلاع معاريف كشف أن 62٪ من الإسرائيليين لم يعودوا يؤمنون بقدرة الجيش على حمايتهم.
نزيف اقتصادي متسارع: بورصة تل أبيب خسرت 18٪ منذ يونيو، وهروب جماعي لرؤوس الأموال والتكنولوجيا.
انقسامات سياسية حادة: نتنياهو في مواجهة متصاعدة مع معسكر غانتس–لابيد، وخطر الانقلاب الداخلي يلوح في الأفق.
هجرة عكسية: 27 ألف مستوطن غادروا خلال 4 أشهر نحو أوروبا وأمريكا الشمالية.
تلك هي نتائج الغطرسة حين ترتطم بجدار الإرادة الشعبية والجغرافيا المقاومة.
وحدة الساحات… استراتيجية النار المتزامنة
لأول مرة في تاريخ الصراع العربي–الصهيوني، تتحد الجبهات في توقيتٍ واستراتيجيةٍ وتكتيك:
حين تُقصف غزة، يتحرّك حزب الله.
عندما تُغتال شخصية إيرانية، تشتعل صعدة.
عند استهداف مطار في دمشق، تُضرب إيلات من البحر.
هذه ليست "صدفاً" ولا "ردود أفعال"، بل نسق منسق، وشبكة نار عابرة للحدود، تقودها عقيدة سياسية تقول: المعركة لم تعد فلسطينية فقط، بل مواجهة مع المشروع الصهيوني–الأمريكي بكامله.
الاستيطان… جريمة العصر المقنّنة
وسط أتون الحرب، يتقدّم مشروع تهويد الضفة بخطىً محمومة، وكأن الحرب ليست إلا غطاءً لآخر مراحل التهام الأرض.
تُبنى مستوطنات بلا توقف،
تُصادر الأراضي،
يُهدم المسجد،
وتُسنّ القوانين العنصرية بصمتٍ مشين.
إنه تطهير عرقي تحت قبة الكنيست، و"إسرائيل" تتصرف كما لو أن الحرب ألغت القانون الدولي.
من غزة إلى العالم… الطوفان مستمر
7 أكتوبر لم يكن يومًا في التقويم. لقد كان زلزالًا جيوسياسيًا لا تزال توابعه تضرب المنطقة. لقد كشف عُري “إسرائيل” أمام المقاومة، وأسقط ورقة التوت عن أميركا كـ"وسيط سلام".
اليوم، لم تعد الحرب بين كيانٍ محتلٍ وشعبٍ أعزل، بل هي مواجهة بين مشروع استعماري غاشم، وبين محورٍ متّحد، ممتد من طهران إلى صنعاء، ومن الضاحية إلى جنين.
الشرارة اشتعلت ولن تنطفئ… حتى سقوط الهيمنة.
> المراجع:
تقارير وزارة الصحة الفلسطينية (2023–2025)
بيانات وزارة الدفاع الإيرانية – يونيو 2025
تصريحات الجيش الإسرائيلي – مايو ويونيو 2025
تقارير «معاريف»، «هآرتس»، القناة 13 العبرية
بيانات حزب الله – الجبهة الشمالية
وكالة تسنيم ووكالة إرنا
دراسات معهد ستراتفور – واشنطن
مراكز أبحاث تركية وروسية مستقلة
إرسال تعليق